الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني أفكار كِبْر مستمرة وأخشى أن يحاسبني الله عليها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في كلية الطب، تأتيني أفكار كِبْر مستمرة، أحاول أن أسيطر عليها بقدر الإمكان، لكني لم أستطع، وأخاف أن يحاسبني الله عليها، مثلًا قابلني سؤال في الامتحان، فأحسستُ بأني أنا الوحيدة التي أعرف الإجابة عليه، بعدها مباشرة استعذت بالله من الشيطان، ثم استغفرتُ، لكن بعدها أجد نفسي قد نسيت الإجابة، وهكذا دائمًا! فكلما تأتيني فكرة كِبْر في موضوع معين، يَفْسُد هذا الموضوع تمامًا.

أخاف أن تؤثر مثل هذه الأفكار عليَّ مستقبلًا، فأفشل عقابًا لي، علماً أني لا أستطيع التحكم فيها، إلا أن أستغفر الله، فهل يحاسبني الله على هذه الأفكار، لذلك يحصل معي ما يحصل، أم أن هذا شيطان يحاول أن يربط فشلي بموضوع الأفكار التي تأتيني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رناد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، ونحن نتفهم حديثك، ودعينا نجيبك من خلال ما يلي:

1- الأفكار والخواطر ليست ذنباً في ذاتها، هناك قاعدة عظيمة أرساها النبي ﷺ تريح قلبك، وهي قوله ﷺ: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم)، أي: إن الخواطر التي تمر على القلب أو العقل، حتى لو كانت خاطئة، أو فيها كبر أو شك، لا يُحاسب عليها العبد، ما دام لم يتكلم بها أو يعمل بها، أو يقرّها في قلبه، فالخواطر العابرة، أو حتى الإحساس بالفخر أو الكبر، إذا دفعك فوراً للاستغفار والاستعاذة، فأنت مأجورة على مقاومتها، لا مؤاخذة بها.

2- الشيطان ودوره في تضخيم الفكرة، الشيطان لا يستطيع أن يدخل الإثم في قلبك رغماً عنك، لكنه يحاول أن يوسوس ويضخم الأمور، غالباً يربط الشيطان بين فشل بسيط أو نسيان طارئ، وبين فكرة خاطئة مثل: (عقوبة الكبر) ليزرع في نفسك القلق والوسواس، هذا يسمى الوسوسة، وهي حيلة معروفة للشيطان؛ ليحبطك ويفقدك الثقة بنفسك وبعطاء الله.

3- الابتلاء والنسيان ليس عقوبة على خاطر، فالنسيان في الامتحان، أو الفشل في أمر ما، قد يكون له أسباب طبيعية، مثل: الضغط النفسي، أو قلة التركيز، أو الإرهاق، لكنه ليس شرطًا أن يكون عقوبة من الله على خاطر أو فكرة، الله أرحم بك من نفسك، وهو أعلم بضعفك وبسعيك للاستغفار.

4- كيف تتعاملين عملياً مع هذه الأفكار؟
• الاستعاذة والاستغفار، كما تفعلين الآن، فهو أفضل سلوك، وأنت على الصواب.
• الاعتدال في محاسبة النفس، فلا تكثري من جلد نفسك على الخواطر العابرة، تجاهليها ببساطة.
• التربية على التواضع والحق، ذكري نفسك أن العلم رزق من الله، وأن الفضل لله أولاً وآخراً؛ فهذا يطفئ أي شعور بالكبر.
• التوكل، اجعلي ثقتك بالله في النجاح لا بنفسك فقط، وستجدين سكينة عجيبة.

5- رسالة طمأنة لك: الله سبحانه أرحم وأكرم من أن يحاسب عبده على وساوس أو خواطر حاول دفعها، بل العكس، مقاومتك لها دليل إيمانك، كما قال النبي ﷺ لما شكا إليه بعض الصحابة بعض الوساوس، قال ﷺ: (ذاك صريح الإيمان)، أي: مجرد ضيقك من الفكرة ومحاولتك التخلص منها هو علامة صحة.

وختامًا: ما يحدث لك ليس عقوبة، بل وساوس طبيعية يحاول الشيطان أن يقنعك بها، لتضعف ثقتك بنفسك، فاستمري في الاستعاذة، وركّزي على الأسباب الطبيعية للمذاكرة والنجاح، وثقي أن الله أرحم بك من أن يعاقبك على خاطر عابر.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً