الباب الثالث عشر في إخباره صلى الله عليه وسلم بما سحر به
روى ابن سعد والحاكم وصححه والبيهقي وأبو نعيم عن زيد بن أرقم قال : كان رجل من الأنصار يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويأتمنه وأنه عقد له عقدا فألقاه في بئر فصرع لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه ملكان يعودانه ، فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا ، وهي في بئر فلان ، ولقد اصفر الماء من شدة عقده ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم فاستخرج العقد فوجد الماء قد اصفر ، فحل العقد ، وقام النبي صلى الله عليه وسلم فلقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئا من ذلك ولم يعاقبه .
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم طب حتى أنه ليخيل أنه صنع الشيء وما صنعه ، وأنه دعا ربه ثم قال : «أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته ؟ » قلت : وما ذاك ؟
قال : «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه :
ما وجع هذا الرجل ؟ قال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في ماذا ؟ قال :
في مشط ومشاطة وجف طلقة ، قال : فأين هو ؟ قال : في بئر ذروان» ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «هذه البئر التي أريتها كان نخلها رؤوس الشياطين ، وكان ماؤها نقاعة الحناء» فأمر به فأخرج .
وروى البيهقي عن طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا ، فأتاه ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما ترى ؟ قال : طب ، قال : وما طبه ؟ قال : سحر ، قال : ومن سحره ؟ [ ص: 57 ] قال : لبيد بن الأعصم اليهودي ، قال : أين هو ؟ قال : في بئر آل فلان تحت صخرة في ركية فأتوا الركي ، فانزحوا ماءها ، وارفعوا الصخرة ، ثم خذوا الركية وأحرقوها» ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نضر فأتوا الركي فإذا ماؤها نقاعة الحناء ، فنزحوا الماء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الركية ، وأحرقوها ، فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، قل أعوذ برب الفلق ، و قل أعوذ برب الناس .
وروى أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد ، فأتاه جبريل بالمعوذتين يعوذه بهما ، فخرج إلى أصحابه صحيحا .
وروى ابن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد وكان لبيد هو الذي ذهب به ، فأدخله تحت راعوفة البئر ، ودس بنات أعصم إحداهن ، فدخلت على عائشة فسمعت عائشة تذكر ما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بصره ثم خرجت إلى أخواتها بذلك ، فقالت إحداهن : إن يكن نبيا فسيخبر ، وإن يكن غير ذلك فسوف يدلهه هذا السحر فيذهب عقله ، فدله الله عليه .
وروى ابن سعد عن عمر بن الحكم رضي الله عنه قال : سحر النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم مرجعه من الحديبية .


