وفيه أنواع :
الأول : في شربه قاعدا وقائما .
روى ابن أبي شيبة والإمام أحمد بسند جيد عن علي رضي الله تعالى عنه ، ومحمد بن أبي عمر وابن أبي شيبة عن ميسرة عن علي رضي الله تعالى عنه قال : لئن شربت قائما ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب قائما وإن شربت قاعدا لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب قاعدا .
وروى الترمذي وحسنه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا .
وروى الطبراني برجال ثقات وأبو الشيخ وأبو الحسن بن الضحاك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا .
الثاني : في شربه قائما للجواز .
روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماء زمزم فشرب وهو قائم .
وروى أبو يعلى برجال ثقات عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب قائما .
وروى محمد بن عمر وابن أبي شيبة عن ميسرة رحمه الله تعالى قال : رأيت عليا رضي الله تعالى عنه يشرب قائما ، فقلت له : تشرب قائما ؟ قال : إن أشرب قائما فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما ، وإن أشرب قاعدا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قاعدا .
وروى الطبراني برجال ثقات عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، والطبراني عن أبي هريرة وأحمد من طريق آخر عنه برجال ثقات عن سعد بن أبي وقاص ، والبزار ، وأبو يعلى برجال الصحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه ، والطبراني برجال الصحيح عن أبي سعيد الخدري ، [ ص: 237 ] والبخاري عن علي ، وأبو بكر الشافعي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب قائما .
وروي نهيه عن الشرب قائما .
وروى البخاري وغيره عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما .
وروى مسدد والإمام أحمد وابن أبي شيبة والبزار برجال ثقات عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يشرب قائما ، قال : «قئ» ، قال : لم ؟ قال : «أتحب أن يشرب معك الهر ؟ » قال : لا ، قال : «قد شرب معك شر منه الشيطان» .
وروى الإمام أحمد والبزار وأبو يعلى بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو يعلم الذي يشرب قائما ما يجعل في بطنه لاستقاء» .
تنبيه
لا يكون مكروها بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم . وقوله قئ محمول على الاستحباب ، والندب ، فيستحب لمن شرب قائما أن يتقايأ للأحاديث الصحيحة ، قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى ، ومن نظم الحافظ رحمة الله تعالى عليه :
إذا رمت تشرب فاقعد تقر بسنة صفوة أهل الحجاز وقد صححوا شربه قائما
ولكنه لبيان الجواز
وللشرب قائما آفات عديدة : منها أنه لا يحصل الري التام ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء ، وينزله بسرعة وحدة إلى المعدة ، فيخشى منه أن يبرد حرارتها ، ويسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج ، وكل هذا يضر بالشارب ، فأما إذا فعله نادرا أو لحاجة فلا ، ولا يعترض على هذا بالعوائد فلها طبائع ثوان ، ولها أحكام أخرى ، وهي بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء رحمهم الله تعالى . [ ص: 238 ]


