5654 5655 ص: فإن قال قائل: فإن هشام بن عروة قد رواه عن أبيه فزاد فيه شيئا.
قلنا له: صدقت.
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، ثنا الشافعي ، عن مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: "جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية؛ فأعينيني، فقالت لها عائشة: : إن أحب أهلك أن أعدها لهم عددتها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت.
فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله -عليه السلام- جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألها، فأخبرته عائشة فقال: خذيها واشترطي؛ فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة -رضي الله عنها-، فقام رسول الله -عليه السلام- في الناس..." فذكر مثل ما في . حديث الزهري .
حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني مالك ... ، فذكر بإسناده مثله.
ففي هذا الحديث مثل ما في حديث الزهري: أن الذي كان فيه الاشتراط من أهل بريرة ، أن يكون الولاء لهم وإباء عائشة إلا أن يكون الولاء لها هو أداء عائشة عن بريرة الكتابة، فقد اتفق الزهري 5 وهشام على هذا الحديث، وخالفا في ذلك أصحاب الأحاديث الأول، وزاد هشام على الزهري ، قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خذيها واشترطي؛ فإنما الولاء لمن أعتق".
[ ص: 34 ] هكذا في حديث هشام، وموضع هذا الكلام في حديث الزهري: " " ابتاعي وأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق".
ففي هذا اختلف هشام 5 والزهري، . فإن كان الذي يعتبر في هذا هو الضبط والحفظ فيؤخذ بما روى أهله ويترك ما روى الآخرون، فإن ما روى الزهري أولى؛ لأنه أضبط وأتقن وأحفظ من هشام. .
وإن كان الذي يعتبر في ذلك هو التأويل، فإن قوله: "خذيها" قد يجوز أن يكون معناه: وابتاعيها، كما يقول الرجل لصاحبه: بكم أخذت هذا العبد؟ يريد: بكم ابتعت هذا العبد؟ وكما يقول الرجل للرجل: خذ هذا العبد بألف درهم، يريد بذلك: البيع، ثم قال رسول الله -عليه السلام-: "واشترطي" فلم يبين رسول الله -عليه السلام- ما يشترط، فقد يجوز أن يكون أراد: واشترطي ما يشترط في البياعات الصحاح.
فليس في حديث هشام هذا - لما كشف معناه - خلاف لشيء عما في حديث الزهري، ولا بيان فيهما كيف حكم البيع إذا وقع فيه مثل هذا الشرط، هل يكون فاسدا أو يكون جائزا؟


