( قوله : وما دون ربع الثوب من مخفف كبول ما يؤكل والفرس وخرء طير لا يؤكل ) أي عفي ما كان من النجاسات أقل من ربع الثوب المصاب إذا كانت النجاسة مخففة ; لأن التقدير فيها بالكثير الفاحش للمنع على ما روي عن أبي حنيفة على ما هو دأبه في مثله من عدم التقدير وهو ما يستكثره الناظر ويستفحشه حتى روى عنه أنه كره تقديره ، وقال الفاحش يختلف باختلاف طباع الناس لكن لما كان الربع ملحقا بالكل في بعض الأحكام كمسح الرأس وانكشاف العورة ألحق به هنا وبالكل يحصل الاستفحاش فكذا بما قام مقامه وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا وصححه الشارح وغيره وفي الهداية وعليه الاعتماد واختاره في فتح القدير وقال إنه أحسن لاعتبار الربع كثيرا كالكل ، ثم اختلفوا في كيفية اعتبار الربع على ثلاثة أقوال فقيل ربع طرف أصابته النجاسة كالذيل والكم [ ص: 246 ] والدخريص إن كان المصاب ثوبا وربع العضو المصاب كاليد والرجل إن كان بدنا وصححه صاحب التحفة والمحيط والبدائع والمجتبى والسراج الوهاج وفي الحقائق وعليه الفتوى
وقيل ربع جميع الثوب والبدن وصححه صاحب المبسوط وقيل ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر وهو رواية عن أبي حنيفة قال شارح القدوري الإمام البغدادي الأقطع وهذا أصح ما روى فيه من غيره . ا هـ .
لكنه قاصر على الثوب ولم يفد حكم البدن فقد اختلف التصحيح كما ترى لكن ترجح الأول بأن الفتوى عليه وفي فتح القدير ما يقتضي التوفيق بين القولين الأخيرين بأن يكون المراد من اعتبار ربع جميع الثوب الساتر لجميع بدن الذي هو عليه ، وإن كان الذي هو عليه أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه ; لأنه الكثير بالنسبة إلى المصاب . ا هـ .
وهو حسن جدا ولم ينقل القول الأول أصلا ومثل المصنف للمخففة بثلاثة الأول ببول ما يؤكل لحمه وهو مخفف عندهما طاهر عند محمد لحديث العرنيين وأبو يوسف قال بالتخفيف لاختلاف العلماء على أصله وأبو حنيفة قال به أيضا لتعارض النصين وهما حديث العرنيين وحديث { استنزهوا البول } وفي الكافي
فإن قيل تعارض النصين كيف يتحقق وحديث العرنيين منسوخ عنده قلنا : إنه قال ذلك رأيا ولم يقطع به فتكون صورة التعارض قائمة . ا هـ .
وهو أحسن مما أجاب به في النهاية فإن صاحب العناية قد رده فليراجعا . الثاني بول الفرس وهو داخل فيما قبله لكن لما كان في أكل لحمه اختلاف صرح به لئلا يتوهم أنه داخل في بول ما لا يؤكل لحمه عند الإمام فيكون مغلظا وليس كذلك فإنه مخفف عندهما طاهر عند محمد كبول ما يؤكل لحمه ، وإنما كره لحمه إما تنزيها أو تحريما مع اختلاف التصحيح ; لأنه آلة الجهاد لا لأن لحمه نجس بدليل أن سؤره طاهر اتفاقا . والثالث خرء طير لا يؤكل ، وقد اختلف الإمامان الهندواني والكرخي فيما نقلاه عن أئمتنا فيه فروى الهندواني أنه مخفف عند الإمام مغلظ عندهما وروى الكرخي أنه طاهر عندهما مغلظ عند محمد وقيل إن أبا يوسف مع أبي حنيفة في التخفيف أيضا فاتفقوا على أنه مغلظ عند محمد ، وأما أبو يوسف فله ثلاث روايات الطهارة والتغليظ والتخفيف ، وأما أبو حنيفة فروايتان التخفيف والطهارة ، وأما التغليظ فلم ينقل عنه وصحح قاضي خان في شرح الجامع الصغير [ ص: 247 ] إنه نجس عند أبي حنيفة وأبي يوسف حتى لو وقع في الماء القليل أفسده وقيل لا يفسد لتعذر صون الأواني عنه وصحح الشارح وجماعة رواية الهندواني فالتخفيف عنده لعموم البلوى وهي موجبة للتخفيف ، وأما التغليظ عندهما فاستشكله الشارح الزيلعي بأن اختلاف العلماء يورث التخفيف عندهما ، وقد وجد فإنه طاهر في رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف فكان للاجتهاد فيه مساغ . ا هـ .
وقد يجاب عنه بضعف رواية الطهارة كما قدمناه ، وإن صححها بعضهم كما سيأتي فلم يعد اختلافا وصحح صاحب المبسوط رواية الكرخي وهي الطهارة عندهما وكذا صححه في الدقائق والأولى اعتماد التصحيح الأول لموافقته لما في المتون ولهذا قال شارح المنية تلميذ المحقق ابن الهمام تصحيح النجاسة أوجه ووجهه المحقق في فتح القدير بأن الضرورة فيه لا تؤثر أكثر من ذلك فإنه قل أن يصل إلى أن يفحش فيكفي تخفيفه . ا هـ .
والخرء واحد الخروء ، مثل قرء وقروء وعن الجوهري بالضم كجند وجنود والواو بعد الراء غلط والهندواني بضم الهاء في نسخة معتبرة وفي المنظومة للنسفي بكسرها وهذه النسبة إلى الهندوان بكسر الهاء حصار ببلخ يقال له باب الهندواني ينزل فيه الغلمان والجواري التي تجلب من الهندوان فلعله ولد هناك كذا في الحقائق وفي الفتاوى الظهيرية ، وإن أصابه بول الشاة وبول الآدمي تجعل الخفيفة تبعا للغليظة . ا هـ . .
[ ص: 246 ]


