ولو عجز الأجير على عينه عن الرمي هل يستنيب هنا للضرورة أو لا كسائر الأعمال ، والأقرب الأول كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وإن قال بعضهم : إن الأقرب الثاني ويريق دما ، وما ذكر في هذا الفصل من شروط الرمي ومستحباته يأتي في رمي يوم النحر وأيام التشريق ( وإذا ) ( ترك رمي يوم ) أو يومين من أيام التشريق عمدا أو سهوا أو جهلا ( تداركه في باقي الأيام ) منها ( في الأظهر ) بالنص في الرعاء وأهل السقاية وبالقياس في غيرهم ، إذ لو كانت بقية الأيام غير صالحة للرمي لم يفترق الحال فيها بين المعذور وغيره كما في الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة والمتدارك أداء كما مر ، ولو تدارك قبل الزوال أو ليلا أجزأه كما جزم به في الأول في أصل الروضة والمجموع والمناسك واقتضاه نص الشافعي رحمه الله تعالى ، وبالثاني ابن الصباغ في شامله وابن الصلاح والمصنف في مناسكهما وإن جزم ابن المقري تبعا لجمع بخلافه فيهما ، إذ جملة أيام الرمي بلياليها كوقت واحد ، وكل يوم لرميه وقت اختيار لكن لا يجوز تقديم رمي كل يوم عن زوال شمسه كما مر ، ويجب الترتيب بينه وبين رمي يوم التدارك بعد الزوال ، فلو خالف وقع عن المتروك ، فلو رمى إلى كل جمرة أربع عشرة حصاة سبعا عن أمسه وسبعا عن يومه لم يجزه عن يومه ، ويؤخذ منه أنه لا بد في النائب أن يرمي عن نفسه الجمرات الثلاث قبل منيبه وهو ظاهر .
وما اقتضاه هذا الكلام المار من جواز رمي يومين ووقوعه أداء بالتدارك لا يشكل بقولهم ليس للمعذورين أن يدعوا أكثر من يوم وأنهم يقضون ما فاتهم ; لأن الكلام هنا في تارك الرمي فقط وهناك في تاركه مع المبيت بمنى ، والتعبير بالقضاء لا ينافي الأداء كما مرت الإشارة إليه ( ولا دم ) مع التدارك سواء أجعلناه أداء أم قضاء لحصول الانجبار بالمأتي به ( وإلا ) بأن لم يتداركه ( فعليه دم ) في رمي يوم أو يومين أو ثلاثة أو يوم النحر مع أيام التشريق لاتحاد جنس الرمي فأشبه حلق الرأس ، وقد ذكر الرافعي اضطرابا واختلافا أشار له المصنف بقوله ( والمذهب تكميل الدم في ثلاث حصيات ) لوقوع الجمع عليها كما لو أزال ثلاث شعرات متوالية لما رواه البيهقي عن ابن عباس { من ترك نسكا فعليه دم } وقيل إنما يكمل في وظيفة جمرة كما يكمل في وظيفة جمرة يوم النحر ، وفي الحصاة أو الحصاتين على الطريقين الأقوال في حلق الشعرة والشعرتين أظهرها أن في الحصاة الواحدة مد طعام والثاني درهما والثالث ثلث دم على الأول وسبعه على الثاني .


