الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم أما كبائر الإثم ففيها خمسة أقاويل
أحدها: أنه الشرك بالله ، حكاه الطبري.
الثاني: أنه ما زجر عنه بالحد ، حكاه بعض الفقهاء.
الثالث: ما لا يكفر إلا بالتوبة ، حكاه ابن عيسى .
الرابع: ما حكاه شرحبيل عن ابن مسعود قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: (أن تدعو لله ندا وهو خلقك وأن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك وأن تزاني حليلة جارك)
الخامس: ما روى سعيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عباس عن الكبائر أسبع هي؟ قال: إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبعة، لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار، فكأنه يذكر أن كبائر الإثم ما لم يستغفر منه.
وأما الفواحش ففيها قولان:
أحدهما: أنها جميع المعاصي.
الثاني: أنها الزنى. وأما اللمم المستثنى ففيه ثمانية أقاويل:
أحدها: إلا اللمم الذي ألموا به في الجاهلية من الإثم والفواحش فإنه معفو عنه في الإسلام، قاله ابن زيد بن ثابت.
الثاني: هو أن يلم بها ويفعلها ثم يتوب منها، قاله الحسن ومجاهد . [ ص: 401 ] الثالث: هو أن يعزم على المواقعة ثم يرجع عنها مقلعا وقد روى عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
الرابع: أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة ، قاله ابن مسعود ، روى طاوس عن ابن عباس قال: ما رأيت أشبه باللمم من قول أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كتب الله على كل نفس حظها من الزنى أدرك ذلك لا محالة ، فزنى العينين النظر وزنى اللسان المنطق وهي النفس تمني وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبهالخامس: أن اللمم الصغائر من الذنوب.
السادس: أن اللمم ما لم يجب عليه حد في الدنيا ولم يستحق عليه في الآخرة عذاب ، قاله ابن عباس ، وقتادة .
السابع: أن اللمم النظرة الأولى فإن عاد فليس بلمم ، قاله بعض التابعين ، فجعله ما لم يتكرر من الذنوب ، واستشهد بقول الشاعر
وما يستوي من لا يرى غير لمة ومن هو ناو غيرها لا يريمها
أحدها: يعني لا تمادحوا، قاله ابن شوذب.
الثاني: لا تعملوا بالمعاصي وتقولوا نعمل بالطاعة، قاله ابن جريج .
الثالث: إذا عملت خيرا فلا تقل عملت كذا وكذا.
ويحتمل رابعا: لا تبادلوا قبحكم حسنا ومنكركم معروفا.
ويحتمل خامسا: لا تراؤوا بعملكم المخلوقين لتكونوا عندهم أزكياء. هو أعلم بمن اتقى قال الحسن : قد علم الله كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وإلى ما هي صائرة.


