قال : حدثناه يزيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين عن أبي العجفاء السلمي ، عن عمر [ ص: 183 ] .
قال : قال أبو العجفاء : وكنت رجلا عربيا مولدا ، فلم أدر ما علق القربة ، أو عرق القربة .
قال أبو عبيد : وفي هذا الحرف اختلاف كبير .
قال الكسائي : وعرق القربة : أن يقول : نصبت لك ، وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة ، وعرقها : سيلان مائها .
وقال أبو عبيدة : عرق القربة : أن يقول : تكلفت إليك ما لم يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون ، لأن القربة لا تعرق .
قال [ أبو عبيد ] : يذهب أبو عبيدة إلى مثل قول الناس : حتى يشيب الغراب ، وحتى يبيض القار ، ومثل قولهم : الأبلق العقوق ، والعقوق : الحامل وأشباه ذلك مما علم أنه لا يكون .
قال أبو عبيد : ولأبي عبيدة فيه وجه آخر . قال : فإذا قال : علق القربة ، فإن علقها عصامها الذي تعلق به ، فيقول : تكلفت لك كل شيء حتى عصام القربة [ ص: 184 ] .
قال أبو عبيد : وحكي لي عن "يونس البصري " أنه قال : عرق القربة منقعتها ، يقول : جشمت إليك ، حتى احتجت إلى نقع القربة ، وهو ماؤها ، يعني في الأسفار ، وأنشد لرجل أخذ سيفا من رجل ، فقال :
سأجعله مكان النون مني وما أعطيته عرق الخلال
قال أبو عبيد : يقول : لم أعطه عن مودة من المخالة والصداقة ، ولكن أخذته قسرا .والحديث في شعر بني عبس ، واضح أنه أسره ، وأخذ سيفه ذا النون .
وقال غير هؤلاء من العلماء : عرق القربة : بقايا الماء فيها ، واحدتها عرقة .
ويروى عن "أبي الخطاب الأخفش " أنه قال : العرقة : السفيفة التي يجعلها الرجل على صدره إذا حمل القربة ، سماها عرقة ، لأنها منسوجة .
قال " الأصمعي " : عرق القربة : كلمة معناها الشدة ، قال : ولا أدري ما أصلها .
قال الأصمعي : سمعت ابن أبي طرفة ، - وكان من أفصح من رأيت - يقول :
سمعت شيخاننا يقولون : لقيت من فلان عرق القربة : يعنون الشدة ، وأنشدني [ الأصمعي ] لابن أحمر [ ص: 185 ] :
ليست بمشتمة تعد وعفوها عرق السقاء على القعود اللاغب
زعم أنهم كانوا في المفاوز في أسفارهم يتزودون الماء ، فيعلقونه على الإبل ، يتناوبونه ، فكان في ذلك تعب ومشقة على الظهر ، وكان الفراء يجعل هذا التفسير في علق القربة باللام .


