الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام تأجير الوديعة بغير إذن صاحبها

السؤال

لديّ صديق يملك فريزر تبريد، ولا يريد بيعه ولا تأجيره، مع العلم أن ترْكه بدون تشغيل يسبب تلفه. وأنا من بلد لا تتوفر فيه الكهرباء لكل أحد، وصاحب الفريزر أعطاني إياه لأقوم بتشغيله كي لا يتلف. لكنني لا أملك كهرباء أيضًا، فقمتُ بتأجيره لأحد الأشخاص الذين لديهم كهرباء لتشغيله دون علم صاحبه، فهو فقط يريد تشغيله حتى لا يتلف. فهل أجرة التأجير تكون لي أم هي حرام؟ وما حكم ذلك؟ مع العلم أني لا أودّ إعلام صاحب الفريزر أني قمتُ بتأجيره، لكني ضامن للفريزر عند صاحبه، بمعنى أنه لو حدث له أي خلل أو تلف أو سرقة فأنا مسؤول عنه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا (الفريزر) يعتبر وديعة لدى السائل، فلا يجوز له تأجيره بغير إذن صاحبه، وإن فعل فضمانه عليه.

جاء في مجمع الضمانات: الوديعة لا تودع، ولا تعار، ولا تؤجر، ولا ترهن، فإن فعل شيئًا منها ضمن. اهـ.

وجاء في مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (المادة 1358): ليس للوديع ‌تأجير ‌الوديعة، ولا إعارتها، ولا قرضها، ولا الانتفاع بها إلا بإذن المالك، فإن فعل ذلك كان متعديًا ضامنًا. اهـ.

هذا من حيث الحكم الشرعي وما يترتب عليه من الضمان، وأما استحقاق الأجرة في حال تعدي الوديع وكرائه للوديعة، فمحل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يجعل الأجرة للوديع في مقابل ضمان الوديعة.

قال السرخسي في المبسوط: لو أكرى (يعني الوديع) الإبل إلى مكة، وأخذ الكراء كان الكراء له؛ لأنه وجب بعقده، ‌وليست ‌الغلة ‌كالولد ولا كالصوف واللبن؛ فإن ذاك يتولد من الأصل، فَيُمَلَّكُ بِمِلْكِ الأصل، وهذا غير متولد من الأصل، بل هو واجب بالعقد؛ فيكون للعاقد. اهـ.

ومنهم من يجعل الأجرة لصاحب الوديعة، جاء في الخرشي شارح مختصر خليل المالكي: أما لو ‌كانت ‌للقنية ‌(يقصد الوديعة التي استأجرها المودع تعديًا ورجعت سالمة) فليس له (قصد مالك الوديعة) إلا كراؤها إن لم تتلف، أو قيمتها يوم التعدي إن تلفت. اهـ.

ولعل الراجح هو القول الثاني، وعليه؛ فادفع إلى صاحب الفريزر الأجرة، وتب إلى الله تعالى من استعمال ما تؤتمن عليه دون إذن من أصحابه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني