كيف أتعامل مع تصرفات ابني التي تميل للعنف؟

2025-10-15 23:37:03 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

ابني عمره تسع سنوات، حركي جدًا منذ صغره، والآن بدأ يميل للعنف مع إخوته، ويحب السيطرة بحكم أنه أكبر إخوانه، ويرفض تلقي الأوامر من أمه، إلا إذا كان الأمر يناسب هواه، أعرف أن هذه المرحلة هي بداية المراهقة، وفيها من المكابدة ما فيها، لكنه يتخطى الحدود في كثير من الأحيان، حتى إنه يأتي إلى جدته، ويقفز بجانبها على سريرها حتى تقوم، أو يصرخ في وجهها بحجة المزاح.

إذا وجد إخوته الأصغر منه يلعبون، فإنه يفسد عليهم اللعب بتحطيم التركيب، أو بضربهم حتى يتعاركون معه، ويهرب إلى جدته إذا أرادت أمه أن تضربه؛ فلا تستطيع فعل أي شيء له، مع أن جدته أيضًا ضاقت ذرعًا من تصرفاته، وقمت أنا بضربه عدة مرات، وكان يخاف جدًا، ويبكي حينها، لكنه لا يرتدع، ويعود لتصرفاته في اليوم التالي.

في الفترة الأخيرة بدأ يخاف ليلاً، ولا ينام إلا بجانب جدته، حاولت أمه أن تثنيه عن ذلك بإقفال باب غرفته مع إخوانه، وأن أنام بجانبهم ريثما ينامون، ولكنه يصحو في منتصف الليل ويذهب لينام بجانبها.

أصبح يتصرف تصرفات غريبة؛ كأن يصفق بيديه، ويضرب قدميه بقوة على الأرض خلال المشي، ويتمايل بجسده في المشي، ولاحظت أن هذه التصرفات يفعلها عندما يكون فرحًا.

أفيدونا بارك الله فيكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الأب الكريم: نشكرك على ثقتك بطلب الاستشارة من موقع إسلام ويب، ونثمن وعيك واهتمامك بتربية ابنك؛ فمجرد ملاحظتك لتصرفاته، وسعيك لفهمها، يُعد خطوةً كبيرةً في طريق الحل، ومن خلال وصفك الدقيق، يبدو أن ابنك يتمتع بدرجة عالية من النشاط الحركي والانفعالي، ويُظهر بعض السلوكيات العدوانية، والعنادية، التي تحتاج إلى فهمٍ عميقٍ، لا إلى عقوبة فقط.

وإليك تحليل المشكلة، مع مجموعة من الحلول العملية، التي تساعدك على التعامل السليم معها، وخصوصًا أن ابنك في بدايات مرحلة البلوغ، وهي مرحلة يُتوقع فيها ظهور بعض التصرفات غير المنضبطة، التي تتطلب حكمةً، وصبرًا، وجهدًا مبصرًا، للتعامل معها، ويمكنك البدء بتطبيق التوصيات الآتية:

1- عن فرط الحركة والنشاط الزائد: من الطبيعي أن يكون بعض الأطفال أكثر حركةً واندفاعًا من غيرهم، ولكن إذا كان النشاط مفرطًا لدرجة تعيق تركيزه، أو تسبب مشكلات سلوكية متكررة، فقد يكون الطفل مصابًا بدرجة من اضطراب فرط الحركة، وتشتت الانتباه (ADHD)، ويكون من الأفضل عرضه على طبيب نفسي، أو طبيب أطفال مختص في السلوك؛ لتقييم الحالة بدقة، فأحيانًا تكون هذه الأعراض ناتجة عن فرط طاقة فقط، وأحيانًا أخرى تحتاج إلى تدخل علاجي بسيط، أو برنامج سلوكي منضبط.

وننصح تربويًا أن تحرصوا على تفريغ طاقته في أنشطة رياضية يومية، مثل: السباحة، أو كرة القدم، أو ركوب الدراجة؛ لأن الطفل الحركي يحتاج إلى منافذ مشروعة لتفريغ نشاطه.

2- عن ميوله للعنف والسيطرة على إخوته: ما يقوم به ابنك من سلوك عدواني تجاه إخوته، أو تخريب ألعابهم، غالبًا هو محاولة منه لفرض السيطرة، وإثبات الذات بصفته الأكبر، لكن بأساليب خاطئة.

وننصحك بألّا تُشعره أنه المذنب دائمًا في كل خلاف مع إخوته، بل علّمه كيف يُعبّر عن غضبه بالكلام، لا بالضرب، وامدحه عندما يتعامل بلطف، أو يساعد أحدهم؛ فالثناء الإيجابي أقوى من العقوبة في تعديل السلوك، ويمكن أن تخصص له مسؤوليات إيجابية مثل: قائد المساعدة، أو المسؤول عن ترتيب الألعاب؛ فهذا يُشعره بالسيطرة بطريقة ناضجة.

3- عن رفضه للأوامر من أمه: هذا يعكس أحيانًا نزعةً استقلاليةً طبيعيةً في هذا العمر، وأحيانًا مقاومة ناتجة عن أسلوب التوبيخ، أو الصراخ المتكرر، فعلى الأم تجنب إعطاء الأوامر المباشرة بأسلوب الأمر (افعل هذا فورًا)، وأن تستخدم بدلاً من ذلك لغة الاختيار، مثل: (هل تفضل أن تبدأ بواجبك، أم بترتيب غرفتك أولًا؟) وتحاول أن تُشركه في اتخاذ القرارات الصغيرة حتى يشعر بالاحترام.

4- عن تصرفه بالوثب بجانب جدته، أو الصراخ أمامها هو سلوك غير مقبول، يحتاج إلى تأديب هادئ وثابت من خلال: أن تكون هناك قاعدة واضحة في البيت، تُمنع فيها أي تصرفات غير لائقة تجاه الكبار، ويُفضل أن تكون الجدة نفسها جزءًا من عملية التقويم، كأن تبلغه بأنها ترفض الحديث معه، أو اللعب بهدوء إذا أساء الأدب، دون صراخ، أو عقوبة بدنية، ونوضّح له أن المزاح له حدود، وأن احترام الكبير عبادة وقيمة دينية.

5- وعن هروبه من الأم واللجوء إلى جدته، فهذا السلوك يدل على ضعف الرابط التربوي الآمن بينه وبين أمه، بسبب أسلوب العقوبة المتكرر، أو غياب التواصل الودي، ويجب أن تعمل الأم على استعادة العلاقة الودية معه، عبر جلسات خاصة، واحتضان، ومدح، وحوار هادئ قبل النوم، ومن المهم أن يتوقف الضرب تمامًا؛ لأن العقوبة الجسدية تُضعف الضبط الذاتي، ولا تعالج السبب الحقيقي للسلوك،
وعليكم أن تتفقوا كأسرة على وحدة الموقف التربوي؛ فلا تكون الجدة ملجأً للهروب، بل داعمةً لقرارات الأم.

6- أما عن الخوف الليلي في هذا العمر: فهو أمر فهو أمر شائع بين بعض الأطفال، ويزداد مع الضغوط النفسية، والتوتر المنزلي، ويمكنكم اتباع التوصيات التالية:
• لا تُجبروه على النوم منفردًا فجأةً، بل تدريجيًا: بأن تضعوا له ضوءًا خافتًا، ثم اسمحوا له بالنوم في غرفته والباب مفتوح.
• تجنبوا القصص المخيفة، أو الشاشات قبل النوم.
• قد يكون الخوف تعبيرًا عن قلق داخلي بسبب العقاب، أو الصراخ، فاجعلوا الأجواء الأسرية هادئةً قدر الإمكان.
• إذا استمر الخوف لفترة طويلة، أو ترافق مع أحلام مزعجة متكررة، فاستشيروا اختصاصيًا نفسيًا للأطفال.

7- بخصوص التصرفات الغريبة: (التصفيق، ضرب القدمين، التمايل عند الفرح):
ما وصفته قد يكون تفريغًا انفعاليًا طبيعيًا للفرح لدى بعض الأطفال النشطين، لكنه يستحق الملاحظة الدقيقة، وطالما أن هذه الحركات لا تظهر في مواقف أخرى، أو لا تعيق التواصل الطبيعي، فهي غالبًا لا تدل على اضطراب عصبي، ومع ذلك، إن لاحظتم تكرارها بشكل لا إرادي، أو مبالغ فيه، فيُستحسن عرضه على طبيب أعصاب أطفال؛ للتشخيص الدقيق لمثل هذه التصرفات المتكررة.

نسأل الله أن يُصلح ولدك، ويجعله من الصالحين البارين بوالديهم، وأن يعينك على تربيته لما فيه الخير والفلاح.

www.islamweb.net