الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلاحقني مشاكل مالية وأسرية، كيف أتخطاها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في الـ 25 من العمر، أبحث عن عمل، وأتمنى التوبة النصوح -الحمد لله على كل حال- أشعر وكأن هناك تعطيلًا في حياتي كل يوم، عندما أتوكّل على الله، وأتجه إلى التوبة من المعاصي، تنقلب الدنيا عليّ من مشاكل مادية وأسرية وغيرها.

أنا أؤمن أنه إذا كان بي أي ضرّ نفسي، أو غيره من الأمور الغيبية، سواء علمتها أو لم أعلمها، فأنا محصّن منها ما دمت محافظًا على صلواتي وعبادتي.

لذلك، أطلب منكم المشورة في هذه الحيرة التي أشعر بها، وبارك الله فيكم، وجزاكم خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نحمد الله تعالى على نيتك الصالحة، وتمنيك التوبة النصوح، فتب الآن يتب الله عليك، والإنسان في هذا الزمان عليه التمسك بحبل الله تعالى، وتعاليم الدين العظيم، وسنة رسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

‏ثانيًا: البحث عن العمل من متطلبات الحياة، ومن أكثرَ مِن طرْق الباب يوشك أن يفتح له، فاعمل بالأسباب، وتوكل على رب الأرباب، ومسبب الأسباب، واجعل هذه الآية الكريمة نصب عينيك ومهوى فؤادك، يقول تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) (فاطر:2) وقوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) (هود:6).

‏وغيرك في هذا الدرب كثير، فالباحثون عن العمل كثر، وقد فرج الله همومًا كثيرة، فتحلّ بالصبر، وتعلق برحمة الله وكرمه وفضله وإحسانه، وأحسن ظنك بالله تعالى، تنل الخير -إن شاء الله-.

‏ثالثًا: الابن الصالح: أبعد عن نفسك هذا الشعور والإحباط، أو إحساسك كل يوم بتعطيل في حياتك، ألست في الحياة وفي صحة وعافية، وتؤدي الصلوات في المساجد، وتبر بوالديك وتقضي حوائج أسرتك؟ إذًا لست في تعطيل، فاستغل وقتك بالمفيد من حفظ القرآن الكريم، والتفقه في الدين، واهتم بما تميل إليه نفسك من العلوم الحديثة، ولا تكن مضيعًا لعمرك في انتظار الوظيفة، فوظيفتك في الحياة أشمل من الوظيفة التي تسعى إليها، وانظر من حولك من بعض الشباب، سلبوا الصحة والعافية، ويرقدون في المستشفيات، وأنت تنعم بصحة وعافية، وأنت لا زلت في مقتبل العمر، فأبعد عنك هذا الإحساس بالتعطيل، وتوكل على الله العزيز الرحيم.

وأعظم باب للحصول على الوظيفة كثرة الاستغفار، فقد أُخبرت عن شاب زار بلدًا تصعب فيه الإقامة، وطُلب منه مغادرة ذلك البلد، فأقبل على الله تعالى، وكان يمكث في المسجد كثيرًا، فيستغفر الله تعالى في اليوم والليلة عشرة آلاف مرة، وبعد أيام قلائل جاءه الفرج من الله واستخرجت له الإقامة، وكم من قصص في الحياة الواقعية، اطرق باب الرحمن، فإنه سميع الدعاء، عظيم الرجاء، بيده الخير كله سبحانه وتعالى، وعليك بيا ذا الجلال والإكرام، يا رب العالمين، تجد الخير كله.

رابعًا: كون الإنسان يصلي ويصوم، ويؤدي العبادات لله تعالى فهو أمر مطلوب، وأمر يحمد عليه الإنسان، وهو خير كثير، ولكن قد يبتلى الإنسان، فتحبس حاجته حتى لو دعا الله تعالى، فلعل الحاجة أن تقضى، ولعلها أن تؤجل إلى وقت آخر، وقد يصرف الله تعالى عنه من الشر مثلها، أو يكتب الله له الأجر يوم القيامة، فالدعاء لن يضيع عند الله سبحانه وتعالى، ولكن على الإنسان أن يدعو الله تعالى ويجتهد في الإقبال على الله، ويعمل بالأسباب المادية الواقعية المباحة، والله تعالى يفرج الهموم، فلا يقع في نفسك الحيرة، ولا يوسوس لك الشيطان، فتترك الدعاء أو تيأس، والله تعالى له الحكمة البالغة في تأخير الإجابة، كما قال تعالى: (لا يسئل عما يفعل وهم يسألون) (الأنبياء:23).

وفي الأخير: أسأل الله تعالى أن يقضي حاجتك، وأن يرزقك الوظيفة التي تتمناها، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً